بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المنعم المتفضل ملء السموات والأرض وملء ما شاء من شيء بعد، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أمّا بعد:
أنوآع القلوب
ابن قيم الجوزية
الوابل الصيب
القلوب ثلاثة ،، قلب خال من الايمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من القاء
الوساوس اليه لانه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن.
القلب الثاني، قلب قد استنار بنور الايمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية
فللشيطان هناك اقبال وادبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف احوال هذا الصنف بالقلة والكثرة الآفات
من اوقات غلبته لعدوه اكثر ومنهم من اوقات غلبة عدوه له اكثر ومنهم من هو تارة وتارة.
القلب الثالث قلب محشو بالايمان قد استنار بنور الايمان وانقشعت عنه حجب الشهوات واقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره
إشراق ولذلك الاشراق ايقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق
وليست السماء بأعظم حرمه من المؤمن وحراسة الله تعالى له اتم من حراسة السماء والسماء متعبدالملائكة
ومستقر الوحي وفيها انوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والايمان وفيه انوارها
فهو حقيق ان يحرس ويحفظ من كيد العدو فلا ينال منه شيئا الا خطفه.
وقد مثل ذلك بمثال حسن وهو ثلاثة بيوت :
- بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره
- بيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وليس جواهر الملك وذخائره
- بيت خال صفر لاشئ فيه
فجاء اللص يسرق من احد البيوت ، فمن ايها يسرق ؟
فإن قلت من البيت الخالي كان محالا لان البيت الخالي ليس فيه شئ يسرق ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما
أن اليهود تزعم انها لا توسوس في صلاتها فقال وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب
وإن قلت يسرق من بيت الملك كان ذلك كالمستحيل الممتنع فان عليه من الحرس واليزك ومالا يستطيع اللص
الدنو منه كيف وحارسه الملك بنفسه وكيف يستطيع اللص الدنو منه وحوله من الحرس والجند ما حوله
فلم يبق للص الا البيت الثالث فهو الذي يشن عليه الغارات،
،،،
فليتامل اللبيب هذا المثال حق التامل ولينزله على القلوب فانها على منواله
فقلب خلا من الخير كله وهو قلب الكافر والمنافق فذلك بيت الشيطان قد احرزه لنفسه
واستوطنه واتخذه سكنا ومستقرا فاي شئ يسرق منه وفيه خزائنه وذخائره وشكوكه وخيالاته ووساوسه
وقلب قد امتلا من جلال الله عز وجل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه فاي شيطان يجترئ على هذا القلب
وإن أراد سرقة شئ منه فماذا يسرق منه وغايته ان يظفر في الاحايين منه بخطفه ونهب يحصل له
على غره من العبد وغفلة لا بد له اذ هو بشر واحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع
جزاكم الله خير
لاتنسونا من دعائكم
والسلام عليكم