الناجون يوم القيامة

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة من الله تعالى وبركاته
الناجون يوم القيامة



قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )

(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل الا ظله إمامٌ عادل . وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل , ورجل قلبه معلق في المساجد , ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه , ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال اني اخاف الله رب العالمين . ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ماتنفق يمينه , ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناهُ ).

الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1423
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



هذه امثلة سامية من المؤمنين الصالحين الذين يستظلون بظل الله يوم القيامة فيشملهم سبحانه بعطفه ورحمته في ذلك اليوم المهول الذي سماه القرآن الكريم يوم الفزع الأكبر الذي وصفه الله تعالى بقوله (ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيءٌ عظيم . يوم ترونها تذهل كل مرضعةٍ عما أرضعت وتضع كل ذات حملٍ حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "(الحج\201)

واذ الناس في غمرة الفزع والرعب والخوف من اهوال يوم القيامة اذا بالله تعالى يمن على سبعة اصناف من الناس فيؤمنهم من الخوف والرعب ويذهب عنهم الفزع ذلك كانوا يخشون الله ويطيعونه ولم تلههم سفاسف الحياة ومغرياتها عن هذه الطاعة وهؤلاء السبب .

1.الأمام العادل :

والمراد به الحاكم العادل ومن ولي شيئا من امر المسلمين فلم يغره السلطان بالأستبداد والظلم بل اطاع الله ووجه سلطانه وقوته وجهده الى العدل فلم يغمط حقاً ولم يفرق بين رعيته في المعاملة لهوى او قرابة او صداقة .. او غير ذلك ملتزماً بقوله تعالى ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين )(النساء \135)



وعدل الحاكم يؤثر في الرعية فتشيع الطمأنينة بين الناس ويسود العدل وتنتهي الفوضى وتسود المصلحة العامة , قال الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في كتابه الى سعد بن ابي وقاص ( اما العدل فلا رخصة فيه في قلايب ولا بعيد. ولا في شدة ولا رخاء والعدل وان رئي ليناً فهو اقوى واطفاً للجور واقمع للباطل).



2.الشاب الذي نشأ واستمر على طاعة الله :

وهو الشاب المتدين والمطيع لله والفاعل لكل خير والمتحكم في نزواته الضابط لنفسه الكابح لجماحها وشرورها ,يكف نفسه عن الهوى والمعاصي وينظر من الله تعالى الجزاء الأوفى قال تعالى : ({وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِىَ الْمَأْوَى}( النازعات\40-41)

فهذا الشاب يفني شبابه ونشاطهفي عبادة الله ونزوات الشباب وان كانت قوية تجر صاحبها نحو الجموح والطيش والمعاصي . لكن الأيمان اقوى وهو وحده القادر على صرف النفس الى الخير والرشد . تلك هي مجاهدة النفس ووضعها على طريق الأستقامة ,وهذا هو الجهاد الحق..



3.المؤمن المعلق قلبه بالمساجد:



فالرجل الذي يستشعر تعلق قلبه بحب بيوت الله يتنسم فيها عبير السعادة والأمان يداوم فيها على عبادة الله لاشك ان مثل هذا الرجل طاهر القلب عامر النفس بالأيمان سامي الروح يزور الله تعالى في بيوته . يناجي الله سبحانه وتعالى في رحابها ويلتقي فيها بإخوانه المصلين وهم يؤدون معاً صلاة الجماعة ويتخذون من هذا اللقاء فرصة للتشاور والتناصح والتعاطف والتعارف .

وقد حث القرآن الكريم المؤمنين على المكث في المساجد بقوله تعالى : {فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجٰرة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلوٰة وإيتاء الزكوٰة يخٰفون يوما تتقلب فيه القلوب والابصٰر ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب} (سوة النور/36-37-38).





4. المتحابان في الله :

وهما صديقان اللذان صداقتهما على اساس التقوى .وقرب كل منهم لله فأحب كل منهما الاخر لصلاحه وتقواه وطاعته لله حبا حقيقيا لا ضاهرا فقطفابيتعد عن صداقة الغايات وصداقة المصالح الذاتية وعن صداقة النفاق والرياء .ل

وهذا النوع من الصداقة هو اسمى انواع الصحبة ويسمى بالاخوة في الله وهي مصدر الخير والاتحاد والتعاون وكل مافيه نفع للمجتمع فصداقتهما هذه تدوم على المحبة ولا تقطع لعارض دنيوي لان الإيمان الذي يربط بين قلبيهما معا إيمان صادق .

وهذا ما اراده الله سبحانه بقوله : (إنما المؤمنين أخوة )(الحجرات\10)

ولا يفرق مثل هذين الصديقين الا الموت .



5.المؤمن العفيف :

المؤمن يتغلب على كل صور الأغراء المحرمة وان قويت الدوافع اليها وذلك بتقواه وترفعه عن الأثم فيتحكم في نفسه في هذا الموقف العنيف فيغلب خوف الله وخشيته على شهوته اذا ما راودته امرأة تمتلك كل وسائل الترغيب كالمال والجمال والمنصب وهنا يجب ان تضهر قوة ايمان المؤمن ومقدار خشيته لله وحرصه على الا يضيع ايمانه اذ ان الزنى والإيمان على طرفي نقيض , وكذلك المنكرات الأخرى قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( لايزني الزاني حين يزني , وهو مؤمن ,ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن . ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ).

والمؤمن اذ يتخذ هذا الموقف ويرفض الأغراء والغواية انما يقتدي بالنبي يوسف عليه السلام الذي راودته امراة عزيز مصر عن نفسه ولكنه رفض السقوط في الأثم وفضل السجن على ذلك فقال : (ربِّ السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه ) (يوسف \33)

وهذا هو شأن المؤمن في كل زمان , وهذا الخلق بالتأكيد هو العفاف والخشية من الله في اروع صورها..





6. المؤمن المتصدق :

وهو الرجل الذي يتصدق وينفق ماله في سبيل الله في خفاء تام ستراً على الأخذ ويبالغ في اخفاء الصدقة بحيث شماله مع قربها من يمينه لم تعلم مافعلت اليمين . بدافع العطف على المسكين والرغبة في تفريج كربه المكروب , بعيداً عن الرياء والتبجح او الشهرة , وبعيدً عن المنافع الدنيوية .



7.المؤمن الخاشع :



وهو الذي ذكر الله سبحانه وتعالى بقلبه او بلسانه فأدرك جلاله وعظمته وشدة عذابه وسعة رحمته فانهمرت دموعه خشية من التقصير في حقه وشوقاً الى سحائب رحمته ومن كانت عنده هذه السجية بما تتضمن من رقة القلب وصفاء النفس , وحب الله , فهو بلا شك رجل خير لا ينتظر منه الا الخير والصلاح والنفع العام ...