تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: من كُتُب علوم القرآن : " من كلّ سورة فائدة الأربعاء مارس 23, 2011 3:45 pm | |
| من كُتُب علوم القرآن : " من كلّ سورة فائدة "
للشيخ عبد الملك رمضاني حفظه الله تمهيد
إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، و من يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله . أمّا بعد ، فهذه فوائدُ قرآنيّة كنت استفدت أكثرها قديما ممّا كتبه بعض أهل العلم ، فلمّا تقادم الزّمن و بدأ الذّهن في الكلال رأيت تدوينها كي لا يطويَها النسيانُ ، و قد أحببت أن أشرِك القارئ في الاستفادة منها ، وهي متنوّعة ، فمنها في العقيدة ، و منها في التفسير ، و منها في التجويد ، و منها في الحديث ، و منها في الفقه ، و منها في الخُلق ، ومنها في اللّغة و البلاغة ، ومنها ما كان من علم المناسبات ، سواءً كانت من المناسبات الموضوعيّة ، أو مناسبة سورةٍ لسورة ، أو آية لآية ، أو مناسبة أوّل السورة لآخرها ، أو لفظةٍ للفظة كالمشاكلات اللّفظيّة ، أو ما كان من علم التّقاسيم و الأشباه و النّظائر ، أو ما كان من مطابقةٍ بين القرآن و الحديث النّبويّ و غيرها . و قد جعلتُ عنوانَ الكتاب : " من كلّ سورةٍ فائدةٌ " ، و أعني : على الأقلّ ، و لذلك فقد أزيد على الفائدة الواحدة ، بحيث أذكر تحت السورة الواحدة أكثر من آية ، و قد أذكر تحت الآية الواحدة عدّة فوائدَ ، فتتعدّد الفوائد حينئذٍ ، و قد كنت عزمت في الأوّل أن أستوعب ما اجتمع في الذهن من فوائد ، فلمّا رأيت ذلك يطول جدّا ، اكتفيت في الأغلب بآية واحدة من كلّ سورة ، و هي بحوث شريفة تدلّ على إعجاز الكتاب الكريم ، و هو الغرض الأسمى الذي من أجله جمعتها هنا . و قد كتب كثيرٌ من أهل العلم في هذا الباب ، و كثُرت استنباطاتهم و تنوّعت ، ومن اطّلع عليها رأى التفاوت الكبير بينهم ، فمنهم من يكون استنباطه في الإعجاز شبه يقين لموافقته الأصول ، ومنهم من يكون محتملا ، ومنهم من يكون بعيدا متكلّفا ، كما نبّه على ذلك الشوكانيّ في " فتح القدير " (1/73) ، و ردّ على من يتكلّف إيجادَ مناسبة لكلّ آيتين أو سياقين ، وضرب مثالا ببعض من رأى أنّه جازف في هذا الباب و تجاوز المطلوب أو المرغوب فيه . و قد يلاحظ القارئ أنّني أُكثرُ من النّقل عن الشيخين الجليلين ابن تيمية و ابن القيّم رحمهما الله ، و السبب في ذلك راجع في جملته إلى أمرين : أحدهما : أنّ تبحّرهما في علم الكتاب و السنّة أورثهما حسّا صادقا في غالب ما يستنبطان (1) . الثّاني : أنّ تشبّعهما بعلم السّلف جعل استنباطاتهما لا تخرج عن علم السّلف ، و لا ريب أنّ من لزم غرز السّلف فقد آوى إلى ركنٍ شديد ، وقد كان من طريقتهما أنّهما لا يستنبطان شيئا إلّا دعّماه بمأثور من أقوال السلف ، و هكذا شأن الموفّق في علمه ، فإنّه قبل أن يستسلم لخطرات نفسه و استنتاجات قريحته يعرض ذلك على علم السّابقين الأوّلين الذين جاء مدحُهم بحقٍّ في الكتاب و السنّة ، و ما مُدح مَن مُدح مِن بعدهم إلا ببركة متابعته لهم ، والله وليّ التوفيق .
________________ (1) : في الأصل المطبوع : يستنبطون
المصدر: الأجري
| |
|